هل عاد العمل 8 ساعات فقط حلما بعد تطبيقه لنحو 140 عاما؟

ex

هل عاد العمل 8 ساعات فقط حلما بعد تطبيقه لنحو 140 عاما؟

في الأول من مايو من عام 1886، انتصرت إرادة العمال والتي دفعتهم للنزول إلى الشوارع للمطالبة بتحسين أوضاع العمل من حيث الأوقات تناسبها مع الأجور، فكان البدء بتطبيق نظام العمل لـ 8 ساعات يومياً.
والآن، وبعد 137 عاماً وجوائح وتكنولوجيا وعمل عن بعد، هل تعتقد أن هذا النظام مطبق بشكل صارم؟
إن كان جوابك نعم، فلا بد لك أن تنظر بنظرة أكثر شمولية لعلك تغير رأيك!
الهاتف المحمول والعمل لـ 8 ساعات
كم مرة وأثناء جلوسك مع صديق لك في مقهى أو مع عائلتك مساء جاءك إحساس بضرورة تفقد بريدك الإلكتروني؟ أو دق جرس هاتفك المحمول لتسمع صوت مديرك أو زميلك يخبرك بضرورة الرد على بريد مهم وصلك أو إعطاء رأيك في مسألة عاجلة؟ من الممكن أن تكون هذه بالنسبة لك أشياء بسيطة لا تلقي لها بالاً، ولكن حقيقة الأمر هو أنك تعمل خارج أوقات العمل، وهذا هو صلب موضوعنا.

تشير إحصائية من Glassdoor في عام 2018 إلى أن حوالي 66% من الموظفين يتفقدون بريدهم الإلكتروني خلال قضائهم لإجازاتهم، وبالطبع فإن هذا الرقم قابل للزيادة بعد جائحة كورونا التي عززت من وجود التكنولوجيا في العمل وأدخلت نظاماً لم تعرفه البشرية من قبل، ألا وهو العمل عن بعد.
حيث أنك لو عدت بالزمن لـ 200 عام مثلاً وسألت جدك الأكبر عن امكانية العمل مع شركة في أميركا وأنت جالس على شواطئ المالديف وفي يدك جهاز بشاشة كبيرة لنظر إليك نظرة تشكك في قدرتك العقلية.
ولكن مع الإيجابيات لا بد أن تأتي السلبيات، فعلى الرغم من إثبات هذا النظام قدرته على إنقاذ ما يمكن إنقاذه من الأعمال في أيام كان العالم حبيس المنازل، فقد جلب العديد من المشاكل مثل قلة التواصل الاجتماعي الحقيقي الذي عرفه البشر منذ وجودهم على البسيطة، ومشاكل أخرى لعل من أبرزها إدمان العمل وعدم القدرة على الانسلاخ منه وممارسة الجوانب الأخرى من الحياة.

لماذا؟
هنا يأتي سؤال مهم، لماذا؟ لماذا يصر العاملون على إقحام العمل في حياتهم بأكثر من اللازم، ولماذا لم تعد الـ 8 ساعات تكفي؟
الإجابة هنا مقسومة إلى قسمين، أصحاب الأعمال والموظفون.
أصحاب الأعمال
بالنسبة لأصحاب الأعمال، فكل دقيقة تعني أرباحاً، وخصوصاً بالنسبة لأصحاب الشركات الناشئة، أو ما يعرف بالـ Startup، إذ أن النجاح المبهر والأموال التي تدرها شركة حديثة التكوين لصاحبها تجعله يضحي بدقائق – في نظره – مقابل هذا الحلم الذي يصبح حقيقة.
وفي نفس الوقت، يغذي الإعلام بطريقة مباشرة أو غير مباشرة هذه الصورة، وذلك عندما يعرض علينا قصصاً لأغنى الأشخاص في العالم وهم يجعلون يومهم متحوراً حول العمل، مثل إيلون ماسك الذي يعمل لـ 80 – 90 ساعة أسبوعياً لدرجة أنه ينام في مقرات عمله مثل مصنع Tesla مثلاً، الأمر الذي انتشر بين موظفيها لنرى صورة لموظفة في Twitter بعد استحواذه على الشركة تفترش الأرض في مقر عملها بعد أن غلبها النعاس أثناء أدائها لمهامها، والتي بالمناسبة تم فصلها بعد ذلك في حركة تسريحات.
وهنا نأتي للقسم الآخر، الموظفون.
الإجابة هنا تأتي من جملة “الخوف من الاستبدال”، حيث أنه وفي عالم تغلب عليه الرأسمالية، جملة مثل “أنا أعمل لـ 8 ساعات فقط وقد انتهى وقت عملي” أو “أنا لا اتفقد بريدي الإلكتروني في الإجازات” كفيلة بجعل مديرك يبحث عن بديل لك، أو في أفضل الأحوال يضع علامة استفهام في ملفك.
ستقول إن هذا ليس من حقه؟ إذاً لنتحدث بواقعية وبعيداً عن المثاليات.
ألق نظرة على أي مجال عمل أو وظيفة قبل 10 سنوات، هل ما زال عدد العاملين فيها ذاته؟ وهل ما زال العاملون فيها يتقاضون نفس الأجور؟ في أغلب الأحيان ستكون الإجابة لا.
إذ وبمجرد أن يسمع الناس عن وظيفة تدر عائداً مالياً كبيراً يبدأ الكثيرون بالتحضير والدراسة ليكونوا مؤهلين لشغلها بعد سنوات، الأمر الذي يعني زيادة في العرض لا تتناسب مع ثبات الطلب أو ارتفاعه بشكل ضئيل.
لذلك إن لم يكن الموظف فريداً من نوعه وفي تطور مستمر سيكون من السهل استبداله، وهذا التفرد والتطور يلزمه العمل بجد والتعلم من غير توقف، الأمر الذي يأخذ أيضاً من وقت الموظف الذي يمكن أن يقضيه مع نفسه أو عائلته.
الحل

في الآونة الأخير بدأ العالم بالانتباه لهذه المشكلة، وذلك مع ظهور مشاكل أكبر مثل إدمان العمل والاحتراق الوظيفي وحتى الوفاة بسبب ضغط العمل في بلد مثل اليابان مثلاً!
هذا أدى إلى سن بعض الشركات لقوانين تجبر موظفيهم على عدم التواصل مع الزملاء الذين يقضون إجازاتهم، ووصل الأمر بشركة هندية لفرض غرامة بـ 1200 دولار على أي موظف يتواصل مع زميله أثناء الإجازة.
ولكن برأيك، وعندما يتعلق الأمر بمسألة شديدة الخطورة أو يتوقف الأمر على فقدان عميل مهم، هل تحترم الشركات هذه القوانين؟ أم أن الاستثناءات ستظهر على السطح؟

المصدر: سي إن بي سي عربية