رغم ارتفاع التضخم واستمرار المخاوف الاقتصادية، لم تتراجع مميزات الموهوبين من العاملين في مختلف المجالات بل إنه منذ الخروج من جائحة كورونا ظهر ما يسمى بـ "حرب الكفاءات"، وهي منافسة بين كبرى الشركات في تقديم امتيازات للمهرة من العاملين من أجل الحصول على خدماتهم.
ففي بريطانيا، على سبيل المثال، ذكر تقرير لصحيفة فاينانشيال تايمز البريطانية أنه رغم ارتفاع التضخم والمخاوف من اتجاه البلد بكامله إلى ركود اقتصادي طويل الأمد، ظلت البطالة منخفضة واستمرت الشركات في التوظيف ، هي غالبًا ما تدفع أجورًا عالية.
وحتى في الوقت الذي يتوقع فيه بعض المراقبين أن تقلص الشركات الإنفاق والتوظيف استجابةً لتباطؤ الطلب على السلع والخدمات، فإن كل القطاعات الاقتصادية لا تزال تعاني من أزمة في الكفاءات.
وأدى انتعاش سوق العمل في بريطانيا منذ ذروة الوباء إلى تراجع البطالة عند أدنى مستوياتها منذ عام 1974، وقد أجبر نقص العمال العديد من الشركات على زيادة الأجور وتوزيع مزايا أكبر وإبداء مرونة كبيرة.
واستطلاع أجراه معهد تشارترد للإدارة على 1043 مديرًا أن ما يقرب من 90% قالوا إن مؤسستهم تقوم بالتوظيف في يوليو 2022، وأعرب 40% من المديرين عن اتجاههم إلى زيادة التوظيف في الأشهر حتى نهاية 2022، في حين قال قال الثلث إن شركاتهم ستستمر في التوظيف كالمعتاد.
يقول العضو المنتدب والشريك في مجموعة بوسطن الاستشارية، كريستين أوينجز: "لقد فقدنا في بريطانيا جزءًا كبيرًا من قوتنا العاملة"، مشيرًا إلى أنها لا تزال سوقًا للباحثين عن عمل.
وفي عامي 2020 و2021، تزامن الانخفاض في القوى العاملة بسبب كورونا مع تقاعد العديد من الأشخاص مبكرًا ، وترك آخرون وظائفهم بعد إجبارهم على الاستفادة من مزايا خارج العمل بسبب مشكلات صحية طويلة الأجل مرتبطة بالفيروس.
غيّر الوباء كذلك التصورات حول العمل مع الكثير من الموظفين الذين يشرعون في مسارات وظيفية جديدة، وغالبًا ما ينجذبون إلى عمل أكثر مرونة يمكن القيام به من المنزل، وكل هذا أدى إلى أكثر من 1.2 مليون وظيفة شاغرة في بريطانيا، وفق بيانات حكومية.
انخفض عدد العاطلين عن العمل في منطقة اليورو إلى أقل من 11 مليون للمرة الأولى، في أغسطس الماضي، وهو أدنى مستوى على الإطلاق بنسبة 6.6% من القوة العاملة، وأعلنت أستراليا عن أنها ستسمح لعشرات الآلاف من المهاجرين بدخول البلاد لتخفيف النقص في العمالة.
لا تعتبر هذه الصورة بعيدة عن سوق العمل المصري، ففيما يخص العمالة الماهرة المدربة التي تتمتع بخبرات كبيرة لا يزال ثمة شح في كثر من المجلات وتضطر الشركات إلى زيادة مميزاتها للموظفين من أجل الحفاظ عل موظفيها، وكذلك استقطاب المزيد من الكفاءات، وتبقى المهمة الصعبة للشركات هي التقديم ما تستطيع من مزايا للعاملين مع مراعاة ضغوط الاقتصاد الكلي من تضخم وتراجع سعر العملة وتراجع الطلب على السلع والخدمات.